تابوت امرأة - قصة روتها صاحبتها للأهرام وجدتها تمس قطاع عريض من الفتيات والشباب - أتركك معها ودون رأيك وتعليقك ليستفيد منه الآخرون 0
عندما أجد نفسي أسيرة أربعة جدران, عندما يرشقني الناس بنظرات الحسرة والندامة, عندما يطلقني زوجي الذي لم يأت وعندما أصبح
عاقرا رغم امتلاكي كل مقومات الإنجاب, عندما تصبح الحياة مجرد عادة, الطعام عادة والشرب عادة والنوم عادة........ عندها فقط أتمرد فوق العادة ولكن واأسفاه فقد أصبح تجاهل الناس لتمردي أيضا عادة, عادة قتلت في قلبي السعادة..
أنا سيدة تجاوزت الثلاثين عاما, كنت علي قدر كبير من الجمال, جذابة إلي أبعد الحدود, لايختلف علي إثنان في أدبي وأخلاقي ومبادئي وقيمي, من عائلة متوسطة المستوي مستريحة ماديا ولكني قلت كنت فكل تلك الخصال أكل الزمان عليها وشرب وواراها ترابه, فدفنت ولم يتبق من أثرها سوي تابوت متحرك علي الأرض, عبثت به ففتحته ابنة الجيران لتفوح رائحة ذكرياته الكريهة فتذكرني بكل ماهو سييء. ظننت أنني أحكمت إغلاقة فلن تداهمني حاوياته في يوم من الأيام ولكني أخطأت الظن فهذه رائحة لايمكن إزالتها وهذه مرارة لاتذوب وتلك ذكريات حفرها أزميل التاريخ وحررها سؤال الفتاة اليافعة أبلة هو حضرتك ما اتجوزتيش لحد دلوقتي ليه؟
سبحت دموعي في بحر ابتسامة جافة, كفكفتها ونظرت إلي الفتاة, فرأيت فيها مراهقتي التي ضاعت وشبابي الذي وصمه العار والخزي.
ربت علي كتفها وتعهدت بداخلي ألا تتكرر مأساتي فيها. فبدأت حديثي إليها وقلبي يتمزق مع استحضاري كل ماكنت أفعل...
كان هناك فتاة في مثل سنك, بهية الطلعة ومشرقة الوجه تبعث علي البهجة والطمأنينة تسر كل من ينظر إليها, يشع قالبها بالجمال ويخر لحسنها رجال ورجال.
قضت فترة الثانوية العامة بمدرسة سراي القبة الثانوية بنات.... وبلا شعور أو وعي وجدتني أحور الكلام وبدلا من سرد قصة فتاة مجهولة سردت قصتي أنا حتي أنني لم أنتبه لسؤال الفتاة وهي تقولهو حضرتك بتحكي عن مين ؟
تذبذبت أفكاري خلال تلك الفترة حول مظهري, فتارة أرتدي الحجاب وأخري أخلعه, تارة أرتدي الملابس الضيقة والقصيرة, وأخري أرتدي الفضفاضة الواسعة.. هكذا قضيتها تأرجحا بين الخطأ والصواب, بين نيولوك وآخر وليس بين ماهو حرام وحلال.
مرت الأيام والأسابيع وتوالت الشهور سريعا وإلتحقت بالجامعة بعد حصولي علي مجموع وسط بين هذا وذاك أعانني علي الإلتحاق بكلية لابأس بها.
وقبل دخول الجامعة ترسخت في عقلي وتداعت أمام عيني صور الفتيات الجامعيات اللائي كنت أراهن يوميا في ذهابي و مجيئي إلي ومن المدرسة في المترو, فخضت في عمل دؤوب كيف أنتهج نهجهن؟ كيف أحظي بشباب كالذين كن يقفن معهم؟ وقفن مع الشباب دون خجل أو حياء في المترو بعد إنتظارهم علي المحطة, مرتدين الملابس ذات الألوان الفاقعة.
كسرن مرارة وملل المترو بالحديث مع أصدقائهن من البنين فوقتا يمازحن واوقاتا يضحكن وأوقاتا يلعبن وأوقاتا يسمعن الـMP3 أوFM سويا مع الشبان وقوفا أو علي الأرض جلوسا متأبطين بعضهم البعض دون حياء.
فعلت مثلهن تماما إيمانا مني بأنني لن أستطيع إيقاع أي شاب إلا إذا فعلت كما يفعلن وعصيت والدي ووالدتي اللذين لم يلحا علي كثيرا. سيطرت علي أفكار غريبة ولكنني آمنت بها في الجامعة كل شيء مباح ـ الجامعة حرية ـ فترة الشباب لا تأتي مرتين وعليه عزمت علي استغلالها حسن استغلال, فمع انطلاق العام الجامعي الجديد جهزت موبايلي وهيأته لاستقبال أرقام الشباب الجديدة.
في البداية ذهلت وظننت ان الامور ستصير عسيرة خاصة بعد إصطدامي بأعداد الفتيات الغفيرة ومعظمهن قد فعلن بأنفسهن أكثر مما فعلت. ولكن كل فولة ولها كيال فلم تكد المحاضرة الأولي تنتهي حتي توافد الشباب علي الفتيات الحسناوات كالمطر وبدوري هبط علي شاب وسيم( ضارب شعره في خلاط ومدلدله) يرتدي نظارة شمسية ابتلعت نصف وجهه و قميصا عجز عن تغطية شعر صدره الغزير تغلغلت خلفه سلسلة ذهبية لامعة, غطت معصمه حظاظات وأنسيالات لاحصر لها وبالأسفل بنطال مسقط وعلي حين غرة وضع كشكوله الذي في يده أمامي وخلع النظارة الكبير وعلقها وسط القميص المفتوح ومد يده التي أصبحت خاوية نحوي قاصدا مصافحتي وهو يقول في رقة ممكن أتعرف عليك؟ لم أتردد ولم أفكر فلم أخذل يده الممدودة. هذا ماكنت أبغيه من البداية ولا أخفيك سرا, هذا هو الشاب الذي دائما ماكنت أحلم به شاب روش وسيم, مبدئيا مستوفي الشروط لايعيبه شيء.
تعددت مقابلاتي مع ذلك الشباب في الجامعة, فما إن تنتهي المحاضرة إلا وأجده ماثلا أمامي وفي كل لقاء كنت أكتشف فيه شيئا يزيد من إعجابي به. كأن أعلم مثلا أنه يحب نفس المطربين الذين أعشقهم يحفظ أغانيهم عن ظهر قلب ويعشق الأفلام الرومانسية مثلي تماما.
جاءت اللحظة التي طالما تحينتها حين اعترف لي بحبه. غمرتني السعادة والفرحة العارمة فلم احتمل واعترفت له انا الاخري بعشقي له.
ومرت الأيام والأسابيع ومع مرورها نما الحب بيننا وترعرع لازم كل منا الآخر ملازمة الظل للمرء حتي جاءتني زميلة في مرة من المرات تؤنبني علي ما افعل من الإفراط في استخدام الـ ميك أب ـ قائلة إنه لا يناسب فتاة مسلمة وتنميص وتخفيف حواجبي مدللة بقول الرسول صلي الله عليه وسلم لعن الله النامصة والمتنمصة متسائلة كيف اصلي؟ وانتقدت طريقة ارتدائي للحجاب حيث انزلق الي الوراء ليظهر جزء كبير من شعري محذرة من ان شعري عورة ويجب مواراته والبدي والبنطال اللذان حققا في القول كاسية عارية ورائحة البرفان المنتشرة مني انتشارا, وقالت إنني بذلك العطر أزني كلما اشتم رجل إياه وسيري مع ذلك الشاب الغريب ومزاحي معه ومصافحته والذهاب والمجيء ومجالسته والجلوس معه جنبا الي جنب في كل وقت وفي كل مكان وأبدت حزنها لما تسمع من شائعات وخوض في عرضي. كان ذاك التأنيب والإنتقاد اللاذع علي مسمع ومرأي الشاب الذي ابدي استياءه مما سمع ولأنني لم أجد ما أدافع به عن نفسي حيث كانت محقة في كل ما قالت وجدتني بلا وعي اصرخ فيها ان ليس لها أو لأي أحد في مصر شأن بما أفعل وأنني لا أخشي كلام الناس وانني واثقة من نفسي ولايهمني احد وأن ما أقوم به ماهو إلا ممارسة لحق الح
رية داخل اروقة الجامعة وان ليس لها التدخل في حياتي الشخصية ووضعت حدودا صارمة بيني وبينها بعد ذاك.
قضينا ثلاثة اعوام ونصف العام سويا وعشنا اجمل قصص الحب وأروعها. كنت فيها أنزل من بيتي لاقاصدة العلم والتعلم بالجامعة ولكن الخروج مع حبيبي خارج نطاق الجامعة بعيدا عن اعين الناظرين سينما من6 الي9 مساء حديقة الحيوان ودريم بارك واستاد القاهرة لمشاركته تشجيع الفريق الذي يحبه وإذا ضاق بنا الامر ارتمينا علي اي من الكافتريات او في اي شارع من شوارع الغرام بالجامعة.
دراسيا انجزنا الثلاثة اعوام في ثلاثة اعوام بالتمام لا أدري كيف, لكن المهم ان هذا طمأن والدي انني اسير في الدرب الصحيح وانني لا أرتكب اي أخطاء علي الإطلاق فأنا كما يقولون من البيت للكباريه.... أقصد للجامعة ومن الجامعة الي البيت.
طرنا وحلقنا في سماء الحب الجميل ولكن ماطار طير وارتفع إلا علي قدر ما ارتفع وقع.. ففي أواخر التيرم الثاني من سنة التخرج السنة الرابعة بدأ الشك يطرق بابي حين شعرت بجفائه ومحاولاته الجادة في الهروب والتنصل مني وإنقطاع مكالماته السرية المعتادة في جوف الليل وشح رسائله الملتهبة بل وانعدامها والامتناع عن مقابلتي في الصباح كما إعتدنا والعزوف عني وتجنبي في الكلية.
كدت أجن وكاد عقلي ينفجر من التفكير حتي أنني لم أقو علي فتح كتاب او مذكرة. لم يكن في بالي سوي سؤال واحد, لماذا هجرني؟ هذا كل ماتسلحت به قبيل انطلاق امتحانات آخر العام, هذه هي ذخيرتي, سؤال بلا جواب. في أول امتحان أبليت بلاء غير حسن, فقد كتبت اسمي فقط وكان الله بالسر عليما, حيث تراءي ذاك السؤال أمامي ولم يغادرني لحظة, ولم أفق من تلك الغيبوبة إلا بعدما وجدتني أتعارك مع المراقب وهو يسحب مني الورقة البيضاء عنوة فأنظر حولي فأجدني وحيدة في اللجنة حتي رضخت لأوامره وأسلمت الورقة الفارغة.
لم يرو ظمأ ذاك السؤال إلا ذلك المشهد الذي اصطدمت به فور خروجي من اللجنة.. حبيبي, عمري, حياتي من خسرت كل شيء من أجله من عشت معه اجمل قصص الحب يدا في يد مع من, أتدري مع من؟ مع زميلتي التي عنفتها لانتقاداتها اللاذعة لي وله. لم اتمالك نفسي, فصلت أيديهما عن بعضهما البعض بشدة وإشتبكت معها علي الملأ و(خليت اللي مايشتري يتفرج علينا) بقي إنت كنت عايزة توقعي بينا عشان تخطفيه في الأخر؟ ياختي دا بعدكبدأت في جذبها ولم يمنعن إلا هو. أخذ يهدئ من روعي ولهج بلهجة لم أعهدها طيلة معاشرتي له لهجة رجل كبير, لهجة زوج خبير, لهجة رب منزل قدير, فامطرني بكلام مرير لم يكن في الحسبان ولا في التقدير......
ماتحاوليش تتعرضيلها تأني عشان دي هتبقي مراتي علي سنة الله ورسوله وأفتكر إني عمري ماوعدتك بالجواز او حتي بالخطوبة. الحب حاجة جميلة, قناع بنلبسه عشان نمشي مع دي ودي ودي ونعيش حياتنا لكن ساعة مانقول ياجواز, لازم نختار البنت اللي تصون شرفنا, ست البيت اللي نستأمنها علي أولادنا وعرضنا في غيابنا, إيه اللي يضمنلي انك ما تحبيش واحد بعد الجواز وتخونيني وافضل نايم علي وداني زي ما أهلك كانوا نايمين علي ودانهم وميعرفوش لحد دلوقتي ان بنتهم كانت بتخرج وتلف مع واحد ما يربطهاش بيه أي شيء..
وبعدين أنا خدت منك كل اللي انا عايزه من غير جواز وعشت أيامي وإنت كمان عشت أيامك و بصراحة خلاص زهقت منك. كل حاجة كنت بطلبها منك كنت بتنفذيها لكن مش معني كده إني أدبس فيكي وأتجوزك وأقول القدر, إنت اللي زيك مالهاش أمان أنا ماتجوزش واحدة مشيت معاها وسيرتها جت علي كل لسان. أنا لو بعد الشر إتجوزتك, اولادي هيشربوا منك الاخلاق المنحطة دي ولوبعد الشر حصل ده, ربنا مش هيبارك لنا لأننا أغضبناه. أنا الحمد لله دلوقتي ربنا رضي عني وبصلي الفرض بفرضه في الجامع إخترت الإنسانة اللي هتصوني وتصون شرفي وهتربي اولادي علي الدين و الأخلاق
صحيح إنت اجمل منها لكن هي أعلي منك بأخلاقها وأدبها وتدينها.... قرعت هذه الكلمات مسامعي ومعها إسترجعت كل لحظة عشتها معه فلم أجد إلا خريفا ذاهبا... دمرني الخائن, سحق شرفي, لطخ سمعتي بالعار وأجهز علي, فما من اثنين في الكلية إلا وكنت حديث ساعتهما لدي رؤيتهما عقب كل امتحان.. وأنا أبكي واحترق لاعلي تركي الورقة بيضاء ولكن علي قلبي الذي هشمته بيدي وشرفي الذي لطخته بالخزي والعار انتهت الإمتحانات وظهرت النتيجة بعد بضعة أشهر ولم تكن مفاجأة بالنسبة لي عندما علمت برسوبي.
أدركت ولكن بعد فوات الأوان ان ذلك الشيء الملعون الذي نسميه الصداقة بين الشاب والفتاة هراء. وأن ذلك الشيء اللعين الذي نسميه الحب, سراب ليس له وجود. وان الله يمهل ولايهمل وان عذابه آت لامحالة. وان مصير كل تجربة مثل تلك التي عشتها في مراهقتي وشبابي هي تابوت غير مرغوب في فتحه او اقتنائه........ لم اترك الفتاة الا بعدما اخذت عليها موثقا غليظا بالا تكون مثل هذه الفتاة ففعلت واطمأن قلبي وقرت عيني ذلك أنني منعت كارثة من الحدوث وحصنت ذلك الملاك الصغير...
عاشق اليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلs
احببت الليل لانه بلون شعرك