يرن جرس هاتفي في العمل..ليس بي أية رغبة للتحدث إلى أحد..
بالرغم من ذلك رفعت سماعة الهاتف بتثاقل وكسل: ألو نعم..
قالت بحنان: كيف حالك؟
قلت فرحاً: أنا بخير ما دامت حبيبتي بخير..
قالت: هل نمت جيداً البارحة؟
أجبتها: مثل حبيبتي تماماً، أنامت عيونها؟
قالت: لم أستطع النوم، كنت سأتصل بك في وقت متأخر من الليل لأطمئن عليك..جنون أليس كذلك؟ لكنني أمسكت بحبل رواية شدني إلى آخر الليل، مع أنني ما قرأت منها ما يدعو لطول سهري!! في الحقيقة كنت أفكر بنا..
قلت: هذا واضح من صوتك الخافت، ثم لا أسمع حولك جلبة العمل..
قالت: لم أستطع الذهاب للعمل هذا اليوم فعيناي منتفختان من الإرهاق والتعب، فاتصلت بهم واعتذرت لهم عن تغيبي دون سابق طلب..
- وكيف أنت الآن، هل أنت مريضة (لا سمح الله)؟
أجابت: لا أنا بخير والحمدلله..لكن..!
- لكن ماذا؟ قلت متوجلاً من إجابة توقعتها مسبقاً..
قالت بحزن: لا أستطيع أن أراك اليوم..
صمت جنوني برهة كي يسمح لعقلي بمحاولة إيجاد الكلمات المناسبة:
حسناً حسنا..استريحي مني اليوم، كم تلزمك إجازة مني؟ وهل أستطيع الاتصال بك والاطمئنان عليك؟ أم تلزمك كذلك إجازة من صوتي؟
ردت برقة: لا تحزن أرجوك، لكني بحاجة فعلاً لشيء من الترتيب في داخلي..
- أنا آسف حبيبتي لم أكن أعلم أنني أحمل معي كل هذه الفوضى..!
ضحكت حبيبتي، فشعرت بروحي ترقص فرحا..
قالت: غداً صباحاً إن شاء الله سأكتب لك رسالة عبر (الإيميل) لأطمئنك، فقد لا أستطيع التحدث إليك حتى الغد..رجاء لا تحزن..
- مممممممممممــ لا بأس..المهم أنك بخير..
قالت: أنا بخير فلا تقلق..
- أحبك..
أجابت: وأنا أيضاً أحبك..إلى اللقاء..
وضعت تنهيداتي مع سماعة الهاتف..راجياً أن تعاود الاتصال فربما تغير رأيها، لكنها كانت بادية التعب من صوتها الحبيب..
انتهى مجرد يوم عمل آخر..متعب أنا..فأين أنت؟
يا ملاذي من الدنيا، من بردها، من حرّها، من همها وقسوتها، من عيون للناس لا ترحم، من معارك يومية صغيرة خاسرة، من تعب الجري وراء سراب الراحة.......؟
أنت حبيبتي ملاذي من كل ذلك وأكثر.. فأنت المرفأ الأخير لوجهي، لملامحي التي تحبك...فأين أنت؟
نبرة صوتها متغيرة أم أنه الإرهاق والتعب كما تقول؟ لست أدري.....
هل صحيح أنها بخير، وأن الأمر طبيعي؟؟
لكني أعرفها أكثر من نفسي، أشعر بها كإحساسي مني..
آه..ما الذي يجري؟؟ وما لي أكلم نفسي هكذا بجنون!!
حينما كنت أرغب بالتفكير بحل لمشكلة ما..أو بالخلوة والتحدث مع نفسي، كنت أحدثك أنت، وأتكلم معك أنت..فأين أنت يا خلوتي ورفقتي؟
ليس بي اليوم أية رغبة لعمل أي شيء أو رؤية أي أحد أو محادثته..ماذا سأفعل؟ وكيف سيمر اليوم بوحشته وعذابه دونك؟؟
قد أذهب إلى إحدى صالات العرض..الساعة السادسة تبدأ حفلة..أي بعد نصف ساعة..لا..سيتبقى وقت طويل موحش بعد ذلك..ولن أجد ما أفعله..آآه..إلى أين أذهب بأشواقي إليك وإدماني عليك؟؟
نعم إنها المكتبة العامة..كانت حبيبتي تقضي كثيراً من وقتها هناك قبل أن أغير كثيراً من عاداتها..سأذهب إلى هناك..سأتخيلها هناك، وأقرأ لها رواية حب، أو قصيدة شعر..
أمشي أدندن بأغاني حب قديمة كي تؤنس وحشتي..أقطع مسافة عشر دقائق في نصف ساعة أو أكثر متأملاً واجهات المحلات والجرائد التي تورثنا الهموم جيلاً بعد جيل..
أمام واجهة محل كبييــــــــــــــــــــــــــر كحبك..
استوقفني فستان أبيض..كعادتي أمام لوحة بيضاء تستثيرني لأملأها بك..
فاشتهيت أن أرسم حبنا عليه..وشوقنا عليه..
فأخرجت فرشاتي وكتبت..كان لا بد أن أرسم شيئاً هناك..
فكتبت على واجهة المحل: أحبــــــــــــــــك
وهربت..
ليت معي من الأقلام والألوان ما يكفي كل هذه الواجهات لأشهر عليها فضيحة حبي لك..ليت معي من الحياة ما يكفينا دون أن تعكر صفو سعادتنا بمتطلباتها القاسية!! أحلم بغدٍ آمن لسعادة كاملة، سعادتنا نحن..
أتراني أحلم وأحلم فقط؟
لا أستطيع أن أعدك بشيء حاضر فأنا لست ممن يجيدون زرع أحلام في أرض لها خصبة..لا أعدك إلا بالحب فلست خبيراً بالتحايل ولا بالمجاملة أو التكلف..أمنحه كما أطالب به بعلانية الشوق وفضيحته، فلا أجمل عندي من فضيحة عاشق..
أخشى أنني أحلم وأحلم فقط..
أخشى أنك أروع من أن تكوني حقيقة في حياتي الخاوية، وأنك قد تبقين حلماً يراودني بجرأة في بعض هذياني !
.
عاشق الليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتلs
احببت الليل لانه بلون شعرك